موريتانيا: ميثاق ضد البذخ في الزواج ومبادرة لتزويج 50 شابا

تعيش موريتانيا هذه الأيام أجواء حدثين اجتماعيين متزامنين أطلقهما اتحاد أرباب العمل الموريتانيين، أحدهما يتعلق بالتوقيع الجماعي على ميثاق ضد انتشار سلوك البذخ والتبذير المنكر في المجتمع، والثاني مبادرة لدعم الشباب في بناء حياة زوجية مستقرة، ضمن جهود أوسع للحد من غلاء المهور وتشجيع الزواج.

وأعلن رئيس الاتحاد، زين العابدين ولد الشيخ أحمد، عن إطلاق مبادرة تهدف إلى تزويج 50 شاباً موريتانيا بغلاف مالي إجمالي قدره 50 مليون أوقية قديمة (125000 دولار) سيستفيد منها 100 شاب وشابة، لكل ثنائي مليون أوقية (2500 دولار) منها 50 ألف للمهر (125 دولار) والباقي لتكوين الأسرة على أن يتم توظيف الزوجين في شركات خصوصية.
وأكد ولد الشيخ أحمد، «أن مبادرته تسعى إلى خفض المهور وتسهيل الحياة الزوجية في بلد ترتفع فيه معدلات الطلاق».
فقد ذكر تقرير رسمي صادر عن وزارة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة أن نسبة الطلاق في موريتانيا تبلغ 31 في المئة، ويتم الانفصال في 60 في المئة منها في السنوات الـ 5 الأولى بعد الزواج. وتدخل هذه المبادرة ضمن ميثاق البناء الأسري الذي أعلن عنه اتحاد أرباب العمل، والذي يهدف إلى منع ما سماه «ظاهرة انتشار سلوك البذخ والتبذير المنكر في المجتمع» وفق ما جاء الميثاق.
ويتأسس الميثاق المذكور على «التمسك بروح ديننا الإسلامي الحنيف، والسير على نهج السنة الرشيدة الحكيمة الوسطية المعتدلة؛ والإسهام في إصلاح المجتمع وبنائه ومحاربة مظاهر وموجبات الفساد المالي والاجتماعي؛ ومنع انتشار سلوك البذخ والتبذير المنكر في مجتمعنا الموريتاني أثناء مناسبات عقود الزواج الشرعي على خلاف مقاصد الشرع فيها وهو بناء المجتمع وتكثير العدد وسعادة الطرفين». ويقوم الميثاق على عدة بنود أهمها إبرام عقود الزواج الشرعي داخل المساجد؛ والابتعاد عن الاستعراضات الكبيرة في حضور العقود داخل المساجد والاكتفاء بعدد محدود من المدعوين؛ والامتناع عن البذخ والإسراف داخل المنازل والاكتفاء بما يحصل به المعروف الاجتماعي، والابتعاد عن المباهاة والمبالغات في الهدايا والعطاءات المتبادلة بين الطرفين وترك الفرصة لطرفي البيت الجديد حتى يؤسسا حياتهما بهدوء وطمأنينة.
ودعا الاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين «رجال الأعمال جميعا، والفاعلين السياسيين منتخبين وناشطين وأهل الثقافة والدين والفكر والإعلام والتربية وقادة الرأي، والروابط المهنية، والمنظمات الاجتماعية، والمؤثرين لتبني الميثاق المقترح بصفته ميثاقا اجتماعيا ملزما».
وتباينت الآراء والمواقف إزاء الميثاق عبر الفيسبوك، حيث أكدت الباحثة الاجتماعية هند الشبيه «أن المهر المقترح من طرف اتحاد أرباب العمل، مهر زهيد لا يكفي لشراء ملابس العروس». ودعت «رجال الأعمال لترك المجتمع يتصرف طبقا لتقاليده، ومساعدته بخفض أسعار المواد المعاشية».
واعتبر محمد ولد سيدي مدون ناشط «أن رجال الأعمال هم الذين يجري البذخ داخل أسرهم، وهم المعنيون بتطبيق الميثاق الذي اقترحوه».
ورغم ما قوبل به الميثاق ومبادرة تيسير الزواج من سخرية، فقد رحب الكثيرون بهما واعتبروهما ضرورة لإنقاذ المجتمع الذي أصبحت الأمور المادية تتحكم فيه، وخاصة التنافس في المهور الذي يجعل الشباب يفر من الزواج.
وعبرت مهلة بنت أحمد رئيسة المرصد الوطني لحقوق المرأة والفتاة، عن «تبني المرصد لهذا الميثاق»؛ مطالبة «بمراعاة ضمان حقوق المرأة وإنصافها في جميع مبادرات الإصلاح الاجتماعية».
وجاء ميثاق أرباب العمل تاليا لتحذير من البذخ أصدرته الحكومة الموريتانية قبل أسابيع؛ وكلفت الحكومة لجنة وزارة بوضع خطة عمل للتصدي لمظاهر البذخ في المناسبات الاجتماعية.
وأكدت الوزارة الأولى «أن الهدف من توجهها هو الوقوف في وجه مسلكيات خطيرة ودخيلة على منظومة قيم وأخلاق المجتمع الموريتاني، ومنافية لتعاليم ومقتضيات الشرع».
وأصدر المجلس الأعلى للفتوى والمظالم وهو أكبر هيئة دينية في موريتانيا فتوى أكد فيها من جانبه «أنما ينتشر من تبذير في المناسبات الاجتماعية، وإسراف في الولائم، وتكلف الهدايا وغير ذلك من تلك المنكرات أمور مخالفة للشرع، منكرة في الإسلام؛ لما يترتّب عليها من المحرّمات، وما ينشأ عنها من المفاسد».
واعتبر المجلس أن «التبذير حرام، وعرفه بأنه صرف المال في وجوه الإنفاق المحرمة كسهرات السفه والاختلاط المحرم»؛ ووصف المجلس «الإسراف بأنه «محرم مذموم، وأنها لإنفاق الزائد عن الحاجة في وجوه النفقة الجائزة».

«القدس العربي»