تحول الجزائري رياض محرز، نجم أهلي جدة، من أحد سفراء مشروع الدوري السعودي للمحترفين إلى لاعب مثير للسخرية، ما يهدد سمعة المشروع عالميًا.
فعندما تعاقد برنامج الاستقطاب مع محرز مطلع الموسم الماضي، لم يكن الغرض فقط أن ينضم إلى الأهلي كنجم كبير في قائمة الفريق، وإنما حصل على مكانة كبرى في واجهة المشروع السعودي، بعيدًا حتى عن الملعب.
النجم الجزائري، الذي وصل إلى ذروة مستواه في آخر مواسمه مع مانشستر سيتي، وكان أحد المساهمين في ثلاثية فريق المدرب بيب جوارديولا، بات لاعبًا مرشحًا للخروج من التشكيل الأساسي للأهلي.
وتراجع مستوى محرز بصورة لافتة مع الأهلي، وكأنه لاعب آخر، فضلًا عن زيادة وزنه التي عرضته للسخرية من الجماهير عبر منصات التواصل الاجتماعي، وكذلك الخبراء عبر وسائل الإعلام.
وتلقى محرز النصيب الأكبر من الانتقادات بعد تدهور نتائج الأهلي، بسبب راتبه الخرافي، الذي يصل إلى مليون و115 ألف دولار أسبوعيًا (أكثر من 58 مليون دولار سنويًا)، ما يمثل 30% من ميزانية رواتب الفريق، حسب شبكة "كابولوجي" المتخصصة.
أرقام باهتة
عقدت جماهير الأهلي، العائد إلى دوري الكبار الموسم الماضي، آمالا كبيرة على محرز، حيث اعتقدت أنه النجم المناسب لإعادة الفريق لمنصات التتويج بعد نكسة الهبوط إلى دوري الدرجة الأولى.
هذه الثقة تأتي بعد أرقام محرز المبهرة في الدوري الإنجليزي الممتاز "البريميرليج"، الأقوى في العالم، فالنجم الجزائري حصد اللقب 5 مرات، ولولا المصري محمد صلاح، أسطورة ليفربول، لبات أفضل لاعب عربي في تاريخ المسابقة على مستوى الأرقام الفردية.
وتوقع كثيرون أن ينافس الراقي على الألقاب بقيادة محرز، وروبرتو فيرمينو، وإدوارد ميندي، الثلاثي القادم من البريميرليج، لكن الفريق لم يحقق المراد حتى الآن، ولا توجد حتى مؤشرات لذلك.
وباعتباره النجم الأبرز في الفريق، وصاحب الراتب الأعلى، فإن محرز أصبح في مرمى النيران، لاسيما أنه لا يقدم أرقامًا فردية جيدة.
ففي الموسم الأول له في الدوري السعودي، لم يسجل محرز سوى 11 هدفًا في 32 مباراة، بمعدل 0.34 هدف في كل مباراة.
لكن النقطة المضيئة هي أنه صنع لزملائه 14 هدفًا، أكثر من أي لاعب آخر في المسابقة.
ومع بداية الموسم الجديد، خاض 6 مباريات في كل البطولات حتى الآن، بواقع 481 دقيقة لعب، لم يتمكن من هز الشباك، واكتفى بتمريرتين حاسمتين، لم تأتي أي منهما في الدوري.
أيضًا أهدر محرز ركلة جزاء في مباراة بيرسبوليس الإيراني في دوري النخبة الآسيوي، لكن زميله فرانك كيسيه أنقذ الفريق بهدف الفوز (1-0).
ليس جسد لاعب كرة القدم!
بخلاف الأرقام الضعيفة لمحرز فإنه تلقى انتقادات قاسية بسبب عدم جاهزيته البدنية، وزيادة وزنه بصورة ملحوظة.
أحمد عطيف، نجم المنتخب السعودي السابق، قال "إذا نظرت إلى جسد محرز تجد أن وزنه زائد بشكل غريب، هذا الجسد لا يشعرك بأنه لاعب كرة قدم من الأساس!".
ولم يكن عطيف الوحيد الذي ركّز على هذا الجانب، وإنما لاحظه عدد من الخبراء، ومنهم المصري أحمد حسام "ميدو"، الذي صرح بأن "هناك زيادة في وزن محرز تجعل تحركاته أقل من المعتاد، وأصبح جناحًا تقليديًا غير مؤثر".
محمد الدعيع، أسطورة الحراسة السعودية، علق بدوره قائلًا "مشكلة محرز هي سوء الاستعداد للموسم، فهو يعاني من تراجع واضح في اللياقة البدنية وزيادة ملحوظة في الوزن".
مع تدهور نتائج الأهلي، تركزت العيون أكثر على محرز، وقال محمد نور، نجم الاتحاد السابق، إنه "لا يملك الحماس في اللعب، وأستغرب جماهير الأهلي لأنهم يصفقون له عندما يسيطر على الكرة".
مصير غامض
وبعد هذه الانتقادات وزيادة الضغط على المدرب الألماني ماتياس يايسله، بسبب توديع كأس الملك بشكل مفاجئ على يد الجندل، تزداد التساؤلات: هل سيواصل الاعتماد على محرز أساسيًا؟.
يايسله أعطى إشارة للجميع بأنه لاحظ تراجع مستوى محرز، وأن لا أحد يضمن مكانه، عندما استبدل اللاعب الجزائري بين شوطي مباراة ضمك في الجولة الرابعة من الدوري السعودي.
ورغم الخيارات الهجومية العديدة التي يملكها مدرب الأهلي، بوجود ثلاثي سوبر يمكنه اللعب في العمق، إيفان توني، وروبرتو فيرمينو، وفراس البريكان، إلا أنه سيواجه مشكلة حال استبعد محرز، كونه لا يملك البديل المناسب.
هذه المشكلة ظهرت في مباراة الجندل، التي غاب عنها محرز لمعاناته من وعكة صحية، إذ لم يقدم الشاب ياسين الزبيدي أداءً لافتًا، فيما لم يسبق لثلاثي العمق أو جابري فيجا أن لعب في مركز الجناح الأيمن.
سمعة المشروع
اعتمدت السعودية على بريق عدد من نجوم الصف الأول للترويج لمشروعها الضخم ببناء دوري قوي يناطح المسابقات الأوروبية الكبرى، ويجذب مزيد من المحترفين للأندية، ليس فقط رباعي صندوق الاستثمار، وإنما حتى أندية الوسط، ما يشعل المنافسة.
محرز هو أحد أبرز الأسماء التي بُني عليها المشروع، والدليل أنه يحصل على رابع أعلى راتب في الدوري السعودي، ولا يتفوق عليه سوى الثلاثي كريستيانو رونالدو، وكريم بنزيما، ونيمار دا سيلفا.
وفي الموسم الأول، الذي مثّل اختبارًا للمشروع السعودي، نجح عدد من النجوم في تقديم صورة إيجابية عن دوري روشن، من خلال حفاظهم على أماكنهم في منتخبات بلادهم، وتقديم أداء لافت.
لم تأتِ هذه الإشارات الإيجابية من الرباعي الأعلى أجرًا، وإنما جاء من نجوم مثل إيمريك لابورت، الفائز مع إسبانيا بلقب "يورو 2024"، ونجولو كانتي، الذي لفت الأنظار بأداء ثابت مع المنتخب الفرنسي.
هذا الثنائي كان ضمن 14 نجمًا من الدوري السعودي، مثلوا منتخبات بلادهم في "يورو 2024"، فضلًا عن نجوم آخرين في كأس أمم أفريقيا، يناير/ كانون الثاني الماضي.
على النقيض، كان محرز بين أكثر اللاعبين الذين تراجع مستواهم الفردي بعد الانضمام للأهلي، على غرار لاعبين آخرين مثل ساديو ماني، وكريم بنزيما.
هذا التراجع سيصعّب مهام مسؤولي لجنة الاستقطاب عند التفاوض مع نجوم جدد مستقبلًا للانضمام إلى الدوري السعودي، فكل لاعب يحظى بمكانة مميزة في ناديه بأوروبا سيفكر كثيرًا قبل قبول العرض.