مكنت الزيارة التي أنهاها الفريق أول السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الجزائري لموريتانيا، أمس الجمعة، بعد ثلاثة أيام مشحونة بالاجتماعات وزيارات التفقد، من وضع وضبط آليات محكمة للتنسيق بين الجيشين الجزائري والموريتاني، في مجال تعاونهما العسكري الثنائي وفي مواجهة التحديات الأمنية التي تعرفها المنطقة والعالم.
ولم يعلن، كما هو العادة في مثل هذه الزيارات ذات الطابع العسكري، عن تفاصيل ما اتفق عليه الفريق أول السعيد ونظيره الموريتاني الجنرال المختار شعبان، غير أن الجانين الجزائري والموريتاني أعلنا عن توقيع بروتوكول تعاون مشترك بين أمن الجيش الوطني الشعبي الجزائري، وفرقة الاستخبارات والأمن العسكري للأركان العامة للجيوش في موريتانيا، في مجال تبادل المعلومات.
وخلال حفل التوقيع على بروتوكول التعاون الأمني، تحدث قائدا الأركان الموريتاني والجزائري عن “أهمية زيارة الفريق أول السعيد شنقريحة لموريتانيا، مؤكدين “أنها تشكل تجسيداً فعلياً للمستوى الذي وصلت إليه العلاقات الثنائية بين البلدين، والتي تستند إلى تاريخ عريق، من الأخوة والصداقة والمصير المشترك، ممتدٍ عبر الحقب التاريخية المختلفة”.
وأكد الجانبان “أن التحديات الجيوسياسية التي تواجهها المنطقة تحتم على الطرفين الموريتاني والجزائري بذل الجهود لتحقيق المزيد من التعاضد والتكاتف لحماية بلدينا وشعبينا، من التداعيات الخطيرة للتهديدات الأمنية، النمطية واللانمطية التي تشهدها منطقة الساحة”.
وتمت خلال الجلسة “الإشادة بالدور الهام الذي يتولاه الجيشان، في تعزيز التعاون والتنسيق الأمني في مجال مراقبة وضبط الحدود، والقضاء على التحديات الأمنية المشتركة، المرتبطة بمختلف أنواع التهديدات العابرة للحدود، وذلك عن طريق تكثيف اللقاءات الدورية، بين قادة القطاعات والمناطق العسكرية، والتخطيط لتسيير دوريات مشتركة على طول الحدود بين البلدين، بالإضافة إلى خلق إطار دائم للتشاور وتبادل المعلومات والخبرات بين الطرفين، من خلال اجتماعات دورية مخصصة للحوار العسكري الموريتاني – الجزائري”.
وأكد الفريق أول السعيد شنقريحة قائد أركان الجيش الوطني الشعبي الجزائري، خلال الجلسة “أن زيارته لموريتانيا تأتي في سياق جيوسياسي إقليمي ودولي خاص ترتب عنه بروز تحديات أمنية جديدة، تتطلب منا العمل سوياً بروح التعاون والتنسيق الدائمين لمواجهتها بالفعالية اللازمة”.
كما أشاد “بالدور الذي تقوم به موريتانيا على المستوى الجهوي والقاري، لا سيما في إطار لجنة الأركان العملياتية المشتركة”، التي تأسست عام 2010، وتنسق من خلالها، جيوش الجزائر وموريتانيا ومالي والنيجر جهود مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بالمنطقة.
وحرص الجانب الموريتاني على إظهار حفاوة كبيرة بالفريق أول السعيد شنقريحة، حيث وشحه وزير الدفاع نيابة عن الرئيس الموريتاني، بوسام كوماندور، أعلى وسام في نظام الاستحقاق الوطني الموريتاني؛ كما تفقد عدة منشآت ومرافق عسكرية.
وشملت جولات الفريق أول السعيد شنقريحة في نواكشوط، مجمع بوليتكنيك، والمؤسسات التابعة له، وإدارة المختبرات والتوثيق والاتصال، وإدارة الشؤون الأكاديمية، وكلية الدفاع لمجموعة الساحل الخمس.
وأكد مصدر عسكري موريتاني، فضل عدم ذكر اسمه، أن “من نتائج زيارة الفريق أول السعيد لموريتانيا رفع التنسيق الأمني والاستخباراتي بين البلدين بما يؤمن الحدود الطويلة المشتركة بينهما، وبما يمكن من محاربة الجريمة المنظمة وتجار السلاح والمخدرات والهجرة غير الشرعية”.
وأضاف المصدر “أن البلدين يعملان من أجل النهوض بمستوى التعاون العسكري الثنائي وتنويعه بفتح آفاق جديدة أمامه، وبخاصة فيما يتعلق بالتنسيق في مجال مكافحة التطرف العنيف والجريمة المنظمة التي تشهدها منطقة الساحل.
وأدرج خبراء متابعون لهذا الملف تبادل الزيارات المكثف بين قادة الجيش والأمن في موريتانيا والجزائر في سياقات عدة أمنية وعسكرية.
ويرى هؤلاء الخبراء أن الجزائر تسعى لتصدير منتجات تصنيعها العسكري إلى موريتانيا التي يمكنها أن تحصل لدى جارتها الجزائر، وبطرق سهلة، على جانب كبير من حاجيات تجهيزها العسكري.
وسبق للفريق أول السعيد شنقريحة أن أكد في اجتماعات عدة على “أهمية توسيع دائرة اهتمامات الصناعة العسكرية الجزائرية لتشمل، ليس فقط تلبية احتياجات الجيش والأسلاك المشتركة والسوق المحلية، بل تتعدى إلى الولوج إلى الأسواق الإقليمية، بل وحتى الدولية، والتفكير جدياً في تصدير المنتجات العسكرية الجزائرية شريطة الحرص على جودتها ومطابقتها للمعايير الدولية المعمول بها”.
عبد الله مولود
نواكشوط – «القدس العربي»