البنيوي الهش، والعمق التاريخي المهزوز؟
إن تنوعنا الثقافي يتضرر كثيرا – في بعده اللغوي – من مخلفات الاستعمار وخاصة اللغة الفرنسية؛ فهذه اللغة تهدد هويتنا القومية بمختلف مكوناتها، وتكاد تجعل من نفسها الأرضية اللغوية التي نقف عليها جميعا، ولا يخفى ما في هذا – بطبيعة الحال – من استعمار ثقافي مقيت لا نزال نخضع له رغم مرور أزيد من ستة عقود على "الاستقلال السياسي"
إن معالجة هذا المشكل تبدو كامنة في تفعيل المادة السادسة من الدستور التي تقرر بأن اللغة الرسمية للبلاد هي اللغة العربية، ومن آليات تفعيل هذه المادة سن قوانين تلزم باستعمال اللغة العربية في كافة الوثائق الإدارية التي تصدر عن مختلف الإدارات والمرافق العمومية، ناهيك عن تفعيل تدريس اللغات الوطنية في التعليم الأساسي والثانوي، وفي التعليم العالي من خلال نفض الغبار عن قسم اللغات الوطنية الذي بكلية الآداب واكتتاب طلبة وأساتذة له حتى يكون حيويا ونشطا كباقي أقسام الكلية، وبذلك وغيره من أساليب دعم اللغات الوطنية نستطيع أن ننهض بهذه اللغات؛ لتقوم بدورها في التواصل بين أبناء الشعب الواحد، وتعود الفرنسية إلى مرابع موليير فلديها هناك من المشاكل ما يكفيها!
إن تنوعنا الثقافي الجميل تؤطره وحدة الوطن، والدين، والتاريخ، والمصير المشترك، وهي وحدة صلبة تتحطم عليها كل المآرب الساقطة والدعاوي المغرضة التي يروج لها سماسرة الفتنة والمتاجرة بالعرق من أجل الزج بالوطن في أتون دعايات غير محسوبة العواقب
إن تلويناتنا الثقافية المختلفة تنطلق كلها من الدين الإسلامي الحنيف، ومن المذهب المالكي، ومن العقيدة الأشعرية؛ إذن نحن مسلمون جميعا سنيون جميعا مالكيون جميعا أشعريون جميعا، متمسكون مع ذلك بالوطن الواحد والتاريخ الواحد والمصير المشترك؛ بما هي أقانيم تجمعنا جميعا
إن ثقافاتنا الوطنية بتلويناتها القزحية الجميلة لا بد أن تنظر نظرة خاصة إلى ذلك اللون السماوي الذي يتألق بين ألوانها؛ إنه اللون العربي... لون القرآن... لون العبادة... لون الإسلام الذي نؤمن به جميعا وندين به جميعا...؛ لغة الذكر الحكيم – إذن – يمكن أن تكون لغة جامعة لنا جميعا نتفيأ ظلالها الوارفة ونتذوق بيانها الآسر؛ على أن يأخذ كل واحد منا الزاد المستطاب من اللغات الوطنية الأخرى