الأزمة السياسية في السينغال و تأثيرها على بلادنا ../ محمد سالم الشيخ

 أن الخلاف البسيط بين البرلمان و المجلس الدستوري كان يمكن حله دون تأخير الانتخابات الذي لم يقع في السينغال منذ بداية تجربته الديمقراطية 1963 م.

4- الأزمة و تأثيراتها على الجوار 

تلعب السينغال دورا مهما في الحياة السياسية و الاقتصادية في غرب إفريقيا و لها امتدادات مختلفة مع دول الجوار ، و لعل من أهمها العلاقات التي تربطها مع موريتانيا ، فزيادة على الجوار و الامتدادات العرقية على الضفتين ، تقوم علاقات تاريخية و دينية و اجتماعية و اقتصادية مهمة جدا ، تلعب دورا أساسيا في ربط الشعبين و البلدين بمصير مشترك ، فرغم ما عرفته العلاقات السياسية من تشنجات و عدم استقرار فقد ظل الشعبان مرتبطين بعلاقة قوية و بمصير مشترك ، فكلنا نعرف العلاقات الصوفية بين البلدين و كذلك العلاقات التجارية ، و ما يمثله أصحاب الحوانيت في بلادنا و ما يمثله كذلك العمال اليدويون السينغاليون و الذين يعدون بالآلاف في كلا الجانبين ،  إضافة إلى الطلاب و المرضى الموريتانيين في السينغال ، مقابل الملفات البينية الكبرى المعروفة ، مثل اتفاق شراء الذبائح في العيد الكبير ، و اتفاق الصيد الذي بلغ هذا العام 500 رخصة لصيادي سينلوي في المياه الموريتانية ، و لعل أكبر تلك الملفات هو ملف تقاسم الغاز و الذي ربط مصير البلدين أكثر و جعلهم في حاجة ماسة للتنسيق و التكاتف من أجل المصلحة المشتركة.

كل ما ذكر يجعل النخبة الموريتانية مطالبة يمتابعة ما يجري في السينغال ، و معرفة مدى تأثيره على العلاقات الثنائية ، و المصالح البينية ، أما الجهات الرسمية فلا شك أنها تتابع الأمر بحذر و هي مستعدة لمد يد العون متى ما احتاج لها الجار الشقيق ، فقد وصلت العلاقة الموريتانية السينغالية في المرحلة الماضية درجة مثالية من التنسيق و التشاور و العمل المشترك في أكثر من ملف ، الأمر الذي يجعل السلطات معنية بمواصلة تلك العلاقة ، و تنمية ذلك الجهد ، و لعل أهم ما في ذلك هو استقرار و سلامة الجار الجنوبي ، فالمثل يقول إن من تشترك معه وجبة ، لا تتركه يفسدها إن أراد ذلك .

خاتمة : هل تكون الأزمة لمصلحة الجميع ؟

وعد الرئيس السينغالي بتنظيم حوار وطني مفتوح حول الانتخابات و طريقة تسييرها ، و لعل ذلك ما يمثل جزرة للمعارضة التي لم تستطع أن توحد صفوفها حتى الآن ، فقد تتفادى التشرذم خصوصا مع دخول كريم واد الذي تنازل عن جنسيته الفرنسية ، و ربما أفضى الحوار لتبسيط شروط الترشح ما يسمح لعثمان سونكو بالعودة للساحة السياسية أو ربما يحصل على عفو من الرئيس كما حصل عليه عدة مرشحين للرئاسة من ضمنهم كريم واد و آخرون ، فقليل من المرشحين الذين تم قبول ترشيحاتهم من سلم من السجن أو لم يحصل على العفو الرئاسي. الأغلبية كذلك ستعمل على توحيد شعبيتها خلف المرشح المعلن أو ربما تغييره بشخص آخر أكثر شعبية و له المقدرة على استنهاض همم الشباب الباحث عن مستقبل أفضل و طريقة حكامة أكثر تطورا و نضجا من الماضية.

رغم كل تلك الوعود و التطمينات ما زالت الساحة السياسية متوجسة و مستعدة للفوران ، ما يعمل الساسة في السينغال على تفاديه ، و تعمل الأطراف الأخرى على مساعدتهم في ذلك خصوصا هيئات المجتمع المدني و المشيخات الصوفية و أئمة المساجد ، فهل سينجحون هذه المرة و يقومون بنفس الدور الذي قاموا به2023 إبان أحداث داكار ؟؟