الجنة!
أخي ياسر: أرجو أن تبلغ ابني محمد وصيتي: أخبره أن والده قد مات كما يموت الرجال، وأن هذا هو طريقنا وهذا قدرنا فلا يقيل ولا يستقيل، وأبلغ تحياتي لزوجتي أم محمد وبناتي ريم وجهاد وبدور، فقد استودعتهم ربا رحيما كريما، وأخبرهم بأن موعدنا الجنة إن شاء الله.. آه لا تنس أن تشتري علبة شوكالاته لصغيرتي بدور(3سنوات) فقد وعدتها قبل ذهابي ـ وهي تتعلق بأثوابي ـ أن أشتري لها شوكالاته!
ثم يقول مخاطبا ياسر ومن حضر من شباب القسااام: أبلغوا إخواننا المجااااهدين والأخيار من أمتنا: أنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا.. ثم ينظر إلى جرحه يثعب دما يتدفق كالشلال، فيبتسم وينظر للأعلى.. أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. ويسلم روحه الطاهرة لباريها!
ثم تأتي أوامر القيادة بالانسحاب بسرعة، فقد رصدوا تحركات لفرق من نجدة العدو، فتنسحب المجموعة ولم يتمكنوا من دفن رائد، ولا حتى من الصلاة عليه! فينظر إليه ياسر وهو يبكي: لا شك أن ذلك الجسد الطاهر سيكون نهبا للطير، وطعاما للهوام السباع! ولكن روحك الزكية ستحلق في حواصل طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل ثمارها، وتأوي إلى ظل عرش الرحمن!
تقبلك الله في الشهداء، فقد أزحت عن صدري هما عظيما بحديثك البارحة واستشهادك الغداة.. ثم يردد: والله لا نقيل ولا نستقيل.. وإنه لجهاد نصر أو استشهاد.
ثم يتلو قول الله عز وجل ((ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا: هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، وما زادهم إلا إيمانا وتسليما. من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليهم فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا))