أين الجهات الحكومية من الاعتماد على العمالة الأجنبية في مشاريع الغاز؟

مع تقدم الأشغال في منصة الغاز الشركات تعتمد على العمالة السنغالية والأجنبية في الآبار الموريتانية بنسبة تفوق 95%؜ فأين الجهات الحكومية؟

 

 

اكتشفت موريتانيا حقلين مهمين من الغاز هما حقل باندا، وحقل تورتو أحميم للغاز الطبيعي على الحدود البحرية مع السنغال عام 2015، وفور ذلك تم وضع خطط لتطوير الحقل والتوقيع على القرار النهائي للاستثمار نهاية العام 2015.

 

وبعد سلسلة من التعثر تم التوقيع رسميا على بداية إنتاج أول شحنة من الغاز الموريتاني السنغالي المشترك على أن تكون في النصف الأخير من العام 2023، فاصطدمت تلك الشحنة بعقبات الأشغال التي أجلت الشحنة إلى نهاية هذا العام أو بداية العام المقبل، ينظر الموريتاني بكثير من الإيجابية للغاز، حيث تعول الدولة الموريتانية على إنشاء محطة لتصدير الغاز المسال، وكذا بناء محطة كهربائية من هذا الغاز بقدرة 220 ميغاوات إنتاجية.

 

جدير بالذكر أن شركت بي بي لبريطانية هي من تشرف على تطوير هذه الحقول الغازية بالتعاون مع شركة كوسموس الأمريكية.

 

تبلغ موارد حقل أحميم وحده حوالي 15 تريليون قدم مكعبة من الغاز المسال.

 

سبق للبلد أن عرف أيضا إنتاج النفط حيث اكتشفت احتياطاته أول مرة سنة 2001 بعدها بدأت شركة وودسايت الأسترالية إنتاج النفط عام 2006 بحوالي 75 ألف برميل يوميا من النفط، لكن هذا الإنتاج تراجع إلى حوالي 30 ألف برميل يوميا في نفس العام، ليصل في العام 2011 إلى 7500 برميل يوميا فقط، وهو عشر الإنتاج المتوقع أصلا، ليهبط الإنتاج الى 6500 برميل يوميا 2013، ويستمر في الهبوط إلى 6000 برميل فقط عام 2014 ثم 5200 برميل 2015، ليصل إلى 3420 برميل 2017، لينتهي الأمر إلى تعليق الإنتاج بداية 2018، وغلق الحقل المنتج رسميا. هذه النهاية وما واكب أول شحنة من النفط الموريتاني والحديث في الإعلام الغربي أن موريتانيا تحولت إلى مصاف الدول المنتجة للنفط، وما يعنيه ذلك من انتعاش اقتصادي ورفاه سكاني خيب آمال الكثيرين، لكن سرعان ما غطى الغاز بظلاله على هذه الخيبة.

 

بالعودة إلى موضوع الغاز والأشغال القائمة فيه يحق لنا كمواطنين موريتانيين أن نطرح أسئلة عديدة عن ضعف استفادة العمالة الموريتانية من الأعمال القائمة هناك مقارنة بالسنغاليين والأجانب أيضا، حيث سيبدأ الإنتاج في آبار موريتانية خالصة، ثم بعدها ستصل الأشغال إلى الآبار المشتركة.

 

يهمني هنا أن أخاطب الوزير الأول ووزير الطاقة وأن أقول لهم إنه من أصل حوالي 500 عامل على المنصة، هناك 400 مواطن سنغالي، أما العمال الموريتانيون فلا يصلون إلى 10 أبدا، لماذا لا نفرض على الشركات أن تستثمر في تكوين الموريتانيين، أم أن الأولوية هي فقط للإنتاج؟

 

على المستوي البيئي والسلاماتي، فإن إنتاج الغاز يصحبه الكثير من المخاطر على البيئة البحرية وثرواتها، فأين تكوين الكوادر الموريتانية على هذه المخاطر الجديدة علينا.

 

نحن في الجمعية الموريتانية للسلامة والصحة المهنية والمحافظة على البيئة نحذر من انعكاسات إنتاج الغاز بشكل غير مدروس على بيئتنا البحرية وعلى سلامة الموريتانيين العاملين هناك على قلتهم، لكن لا يعقل أن تقبل الدولة الموريتانية أنه يوجد كم كبير جدا من العمالة الأجنبية على حقولها دون وجود موريتانيين حتى بنظام التدريب، فمثلا لن يقبل أي أجنبي حتى يكون معه متدرب موريتاني في فترة 3 أو 6 أشهر يتدرب الموريتاني ويستغني عن الأجنبي، فبهذا تكون استفادتنا مهمة ومتعددة وعلى كل المستويات.

 

إن أي نية إصلاحية تجب أن تنعكس إيجابيا على المواطنين وحياتهم ومستوى تكوينهم، ويجب أن نستفيد من تجربة السنغال التي تعكف حكومتها على مراجعة شاملة لكل اتفاقياتها في هذا المجال بغية الاستفادة أكثر من مواردها، بعيدا عن الأرقام التي يقدم المستثمرون.

 

لقد آن الأوان لإنشاء مجلس للبيئة والسلامة في مجال الطاقة والمعادن مستقل عن وزارة البيئة وحتى عن وزارة الطاقة، يُعهد إليه بتشخيص المشاكل البيئية والسلاماتية، وكذا احترام المستثمرين للنظم والمواثيق البيئية والسلاماتية العالمية، لقد دفع العمال في شركات المعادن أرواحهم نتيجة انتشار أمراض جديدة لم تكن معروفة، هنا لا تقف الجهات الرقابية عليها ولا تتابعها وهذا يؤدي إلى الوفيات في صفوف العمال والمهنيين.

 

نطالب الدولة الموريتانية بتحمل مسؤولياتها، ووضع ضوابط صارمة للتعامل مع النظم البيئية العالمية في احترام تام للبيئة والعمال.

 

محمد عينين أحمد - رئيس الجمعية الموريتانية للسلامة والصحة المهنية والمحافظة على البيئة - [email protected]